شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الآثار والأخبار الواردة في الزهد

صفحة 232 - الجزء 6

  يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ}⁣[الأنعام: ١٢٥] فقال إذا دخل النور القلب انفسح فذلك شرح الصدر فقيل أفلذلك علامة يعرف بها قال نعم الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزوله

  قالوا أوحى الله تعالى إلى نبي من الأنبياء اتخذ الدنيا ظئرا واتخذ الآخرة أما.

  الشعبي ما أعلم لنا وللدنيا مثلا إلا قول كثير

  أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقلية إن تقلت

  بعض الصالحين المستغني عن الدنيا بالدنيا كالمطفئ النار بالتبن.

  وفي بعض الكتب القديمة الإلهية قال الله للدنيا من خدمني فاخدميه ومن خدمك فاستخدميه.

  دخل محمد بن واسع على قتيبة بن مسلم وعليه مدرعة من صوف فقال ما هذه فسكت فأعاد عليه السؤال فقال أكره أن أقول زهدا فأزكي نفسي أو فقرا فأشكو ربي.

  قيل في صفة الدنيا والآخرة هما كضرتين إن أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى.

  قيل لمحمد بن واسع إنك لترضى بالدون قال إنما رضي بالدون من رضي بالدنيا.

  خطب أعرابي كان عاملا لجعفر بن سليمان على ضرية يوم جمعة خطبة لم يسمع أوجز منها ولا أفصح فقال إن الدنيا دار بلاغ وإن الآخرة دار قرار فخذوا من ممركم لمستقركم ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم ففيها جئتم ولغيرها خلقتم إن المرء إذا هلك قال الناس ما ترك وقالت الملائكة ما قدم فلله آثاركم قدموا بعضا يكن لكم