شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نسب عمرو بن العاص وطرف من أخباره

صفحة 282 - الجزء 6

  أبوه العاص بن وائل أحد المستهزءين برسول الله ÷ والمكاشفين له بالعداوة والأذى وفيه وفي أصحابه أنزل قوله تعالى {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ٩٥}⁣[الحجر: ٩٥].

  و يلقب العاص بن وائل في الإسلام بالأبتر لأنه قال لقريش سيموت هذا الأبتر غدا فينقطع ذكره يعني رسول الله ÷ لأنه لم يكن له ÷ ولد ذكر يعقب منه فأنزل الله سبحانه {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ٣}⁣[الكوثر: ٣].

  و كان عمرو أحد من يؤذي رسول الله ÷ بمكة ويشتمه ويضع في طريقه الحجارة لأنه كان ÷ يخرج من منزله ليلا فيطوف بالكعبة وكان عمرو يجعل له الحجارة في مسلكه ليعثر بها وهو أحد القوم الذين خرجوا إلى زينب ابنة رسول الله ÷ لما خرجت مهاجرة من مكة إلى المدينة فروعوها وقرعوا هودجها بكعوب الرماح حتى أجهضت جنينا ميتا من أبي العاص بن الربيع بعلها فلما بلغ ذلك رسول الله ÷ نال منه وشق عليه مشقة شديدة ولعنهم روى ذلك الواقدي.

  وروى الواقدي أيضا وغيره من أهل الحديث أن عمرو بن العاص هجا رسول الله ÷ هجاء كثيرا كان يعلمه صبيان مكة فينشدونه ويصيحون برسول الله إذا مر بهم رافعين أصواتهم بذلك الهجاء

  فقال رسول الله ÷ وهو يصلي بالحجر اللهم إن عمرو بن العاص هجاني ولست بشاعر فالعنه بعدد ما هجاني.

  وروى أهل الحديث أن النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وعمرو بن العاص عهدوا إلى سلي جمل فرفعوه بينهم ووضعوه على رأس رسول الله ÷ وهو ساجد بفناء الكعبة فسال عليه فصبر ولم يرفع رأسه وبكى في سجوده ودعا عليهم