شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ذم الكذب وحقارة الكذابين

صفحة 360 - الجزء 6

  ومثل هذا قولهم من عرف بالصدق جاز كذبه ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه.

  وجاء في الخبر المرفوع أن في المعاريض لمندوحة عن الكذب.

  وقال ابن سيرين الكلام أوسع من أن يكذب ظريف.

  وقالوا في قوله تعالى {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ}⁣[الكهف: ٧٣] لم ينس ولكنه من معاريض الكلام وكذلك قالوا في قول إبراهيم {إِنِّي سَقِيمٌ ٨٩}⁣[الصافات: ٨٩].

  و قال العتبي إني لأصدق في صغار ما يضرني فكيف لا أصدق في كبار ما ينفعني وقال بعض الشعراء

  لا يكذب المرء إلا من مهانته ... أو عادة السوء أو من قلة الأدب

  لعض جيفة كلب خير رائحة ... من كذبة المرء في جد وفي لعب

  شهد أعرابي عند معاوية بشهادة فقال له كذبت فقال الكاذب والله المتزمل في ثيابك فقال معاوية هذا جزاء من عجل.

  وقال معاوية يوما للأحنف وحدثه حديثا أتكذب فقال له الأحنف والله ما كذبت منذ علمت أن الكذب يشين أهله.

  ودخل عبد الله بن الزبير يوما على معاوية فقال له اسمع أبياتا قلتها وكان واجدا على معاوية فقال هات فأنشده

  إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران إن كان يعقل

  ويركب حد السيف من أن تضيمه ... إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل

  فقال معاوية لقد شعرت بعدنا يا أبا بكر ثم لم يلبث معاوية أن دخل عليه معن