شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

101 - ومن خطبة له # تجري هذا المجرى

صفحة 104 - الجزء 7

  وقوله قليل سلبهم أي همهم القتل لا السلب كما قال أبو تمام

  إن الأسود أسود الغاب همتها ... يوم الكريهة في المسلوب لا السلب

  ثم ذكر # أن هؤلاء أرباب الفتن يجاهدهم قوم أذلة كما قال الله تعالى أَذِلَّةٍ {عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}⁣[المائدة: ٥٤] وذلك من صفات المؤمنين.

  ثم قال هم مجهولون عند أهل الأرض لخمولهم قبل هذا الجهاد ولكنهم معروفون عند أهل السماء وهذا إنذار بملحمة تجري في آخر الزمان وقد أخبر النبي ÷ بنحو ذلك وقد فسر هذا الفصل قوم وقالوا إنه أشار به إلى الملائكة لأنهم مجهولون في الأرض معروفون في السماء واعتذروا عن لفظة قوم فقالوا يجوز أن يقال في الملائكة قوم كما قيل في الجن قوم قال سبحانه {فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ ٢٩}⁣[الأحقاف: ٢٩] إلا أن لفظ أذلة عند المتكبرين يبعد هذا التفسير.

  ثم أخبر بهلاك البصرة بجيش من نقم الله لا رهج له ولا حس الرهج الغبار وكنى بهذا الجيش عن جدب وطاعون يصيب أهلها حتى يبيدهم والموت الأحمر كناية عن الوباء والجوع.

  الأغبر كناية عن المحل وسمي الموت الأحمر لشدته ومنه

  الحديث كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله ووصف الجوع بأنه أغبر لأن الجائع يرى الآفاق كأن عليها غبرة وظلاما وفسر قوم هذا الكلام بوقعة صاحب الزنج وهو بعيد لأن جيشه كان ذا حس ورهج ولأنه أنذر البصرة بهذا الجيش عند حدوث تلك الفتن ألا تراه قال فويل لك يا بصرة عند ذلك ولم يكن قبل خروج صاحب الزنج فتن شديدة على الصفات التي ذكرها أمير المؤمنين #