استطراد بذكر طائفة من الاستعارات
  ذكر أن أنسه بالموت كأنس الطفل بثدي أمه وأنه انطوى على علم هو ممتنع لموجبه من المنازعة، وأن ذلك العلم لا يباح به ولو باح به لاضطرب سامعوه كاضطراب الأرشية، وهي الحبال في البئر البعيدة القعر وهذا إشارة إلى الوصية التي خص بها # إنه قد كان من جملتها الأمر بترك النزاع في مبدأ الاختلاف عليه.
استطراد بذكر طائفة من الاستعارات
  واعلم أن أحسن الاستعارات ما تضمن مناسبة بين المستعار، والمستعار منه كهذه الاستعارات فإن قوله # شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة من هذا النوع وذلك؛ لأن الفتن قد تتضاعف وتترادف فحسن تشبيهها بأمواج البحر المضطربة ولما كانت السفن الحقيقية تنجي من أمواج البحر حسن أن يستعار لفظ السفن لما ينجي من الفتن وكذلك قوله وضعوا تيجان المفاخرة؛ لأن التاج لما كان مما يعظم به قدر الإنسان استعارة لما يتعظم به الإنسان من الافتخار، وذكر القديم وكذلك استعارة النهوض بالجناح لمن اعتزل الناس، كأنه لما نفض يديه عنهم صار كالطائر الذي ينهض من الأرض بجناحيه.
  وفي الاستعارات ما هو خارج عن هذا النوع وهو مستقبح وذلك كقول أبي نواس:
  بح صوت المال مما ... منك يبكي وينوح
  وكذلك قوله:
  ما لرجل المال أضحت ... تشتكي منك الكلالا