شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

124 - ومن كلام له # في حث أصحابه على القتال

صفحة 4 - الجزء 8

  لأنهم إذا فعلوا ذلك فبالحري أن يمور السنان أي يتحرك عن موضع الطعنة فيخرج زالفا وإذا لم يلتووا لم يمر السنان ولم يتحرك عن موضعه فيخرق وينفذ فيقتل.

  وأمرهم بغض الأبصار في الحرب فإنه أربط للجأش أي أثبت للقلب لأن الغاض بصره في الحرب أحرى ألا يدهش ولا يرتاع لهول ما ينظر.

  وأمرهم بإماتة الأصوات وإخفائها فإنه أطرد للفشل وهو الجبن والخوف وذلك لأن الجبان يرعد ويبرق والشجاع صامت.

  وأمرهم بحفظ رايتهم ألا يميلوها فإنها إذا مالت انكسر العسكر لأنهم إنما ينظرون إليها وإلا يخلوها من محام عنها وإلا يجعلوها بأيدي الجبناء وذوي الهلع منهم كي لا يخيموا ويجبنوا عن إمساكها.

  والذمار ما وراء الرجل مما يحق عليه أن يحميه وسمي ذمارا لأنه يجب على أهله التذمر له أي الغضب.

  والحقائق جمع حاقة وهي الأمر الصعب الشديد ومنه قول الله تعالى {الْحَاقَّةُ ١ مَا الْحَاقَّةُ ٢}⁣[الحاقة: ١ - ٢] يعني الساعة.

  ويكتنفونها يحيطون بها وحفافاها جانباها ومنه قول طرفة

  كان جناحي مضرحي تكنفا

  حفافيه شكا في العسيب بمسرد

  أَجْزَأَ اِمْرُؤٌ قِرْنَهُ وَآسَى أَخَاهُ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَكِلْ قِرْنَهُ إِلَى أَخِيهِ فَيَجْتَمِعَ