مذهب الخوارج في تكفير أهل الكبائر
  لازم وصحيح لأنه لو كان صاحب الكبيرة كافرا لما صلى عليه رسول الله ÷ ولا ورثه من المسلم ولا مكنه من نكاح المسلمات ولا قسم عليه من الفيء ولأخرجه عن لفظ الإسلام.
  وقد احتجت الخوارج لمذهبها بوجوه منها قوله تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ٩٧}[آل عمران: ٩٧] قالوا فجعل تارك الحج كافرا.
  والجواب أن هذه الآية مجملة لأنه تعالى لم يبين {وَمَنْ كَفَرَ}[آل عمران: ٩٧] بما ذا فيحتمل أن يريد تارك الحج ويحتمل أن يريد تارك اعتقاد وجوبه على من استطاع إليه سبيلا فلا بد من الرجوع إلى دلالة والظاهر أنه أراد لزوم الكفر لمن كفر باعتقاد كون الحج غير واجب ألا تراه في أول الآية قال {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}[آل عمران: ٩٧] فأنبأ عن اللزوم ثم قال وَمَنْ كَفَرَ بلزوم ذلك ونحن نقول إن من لم يقل لله على الناس حج البيت فهو كافر.
  ومنها قوله تعالى {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ٨٧}[يوسف: ٨٧] قالوا والفاسق لفسقه وإصراره عليه آيس من روح الله فكان كافرا.
  والجواب أنا لا نسلم أن الفاسق آيس من روح الله مع تجويزه تلافي أمره بالتوبة والإقلاع وإنما يكون اليأس مع القطع وليس هذه صفة الفاسق فأما الكافر الذي يجحد الثواب والعقاب فإنه آيس من روح الله لأنه لا تخطر له التوبة والإقلاع ويقطع على حسن معتقده.
  ومنها قوله تعالى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ٤٤}[المائدة: ٤٤] وكل مرتكب للذنوب فقد حكم بغير ما أنزل الله ولم يحكم بما أنزل الله.