شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أخبار صاحب الزنج وفتنته وما انتحله من عقائد

صفحة 130 - الجزء 8

  ثعلب وكان تاجرا من أهل هجر وبعض موالي بني حنظلة أسود يقال له سليمان بن جامع وكان قائد جيشه حيث كان بالبحرين.

  ثم تنقل في البادية من حي إلى حي فذكر عنه أنه كان يقول أوتيت في تلك الأيام آيات من آيات إمامتي منها أني لقيت سورا من القرآن لم أكن أحفظها فجرى بها لساني في ساعة واحدة منها سبحان والكهف وصاد ومنها أني ألقيت نفسي على فراشي وجعلت أفكر في الموضع الذي أقصد له وأجعل مقامي به إذا نبت البادية بي وضقت ذرعا بسوء طاعة أهلها فأظلتني سحابه فبرقت ورعدت واتصل صوت الرعد منها بسمعي فخوطبت فقيل لي اقصد البصرة فقلت لأصحابي وهم يكتنفونني إني أمرت بصوت من هذا الرعد بالمصير إلى البصرة.

  وذكر عنه أنه عند مصيره إلى البادية أوهم أهلها أنه يحيى بن عمر أبو الحسين المقتول بناحية الكوفة في أيام المستعين فاختدع بذلك قوما منهم حتى اجتمع عليه منهم جماعة فزحف بهم إلى موضع من البحرين يقال له الردم فكانت بينه وبين أهله وقعة عظيمة كانت الدبرة فيها عليه وعلى أصحابه قتلوا فيها قتلا ذريعا فتفرقت عنه العرب وكرهته وتجنبت صحبته.

  فلما تفرقت العرب عنه ونبت به البادية شخص عنها إلى البصرة فنزل بها في بني ضبيعة فاتبعه بها جماعة منهم علي بن أبان المعروف بالمهلبي من ولد المهلب بن أبي صفرة وأخواه محمد والخليل وغيرهم وكان قدومه البصرة في سنة أربع وخمسين ومائتين