شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

133 - ومن كلام له #

صفحة 272 - الجزء 8

١٣٣ - ومن كلام له #

  وَ اِنْقَادَتْ لَهُ اَلدُّنْيَا وَاَلآْخِرَةُ بِأَزِمَّتِهَا وَقَذَفَتْ إِلَيْهِ اَلسَّمَاوَاتُ وَاَلْأَرَضُونَ مَقَالِيدَهَا وَسَجَدَتْ لَهُ بِالْغُدُوِّ وَاَلآْصَالِ اَلْأَشْجَارُ اَلنَّاضِرَةُ وَقَدَحَتْ لَهُ مِنْ قُضْبَانِهَا اَلنِّيرَانُ اَلْمُضِيئَةُ وَآتَتْ أُكُلَهَا بِكَلِمَاتِهِ اَلثِّمَارُ اَلْيَانِعَةُ الضمير في له يرجع إلى الله تعالى وقد كان تقدم ذكر سبحانه في أول الخطبة وإن لم يذكره الرضي | ومعنى انقياد الدنيا والآخرة له نفوذ حكمه فيهما وشياع قدرته وعمومها.

  وأزمتها لفظة مستعارة من انقياد الإبل بأزمتها مع قائدها والمقاليد المفاتيح.

  ومعنى سجود الأشجار الناضرة له تصرفها حسب إرادته وكونها مسخرة له محكوما عليها بنفوذ قدرته فيها فجعل # ذلك خضوعا منها لمشيئته واستعار لها ما هو أدل على خضوع الإنسان من جمع أفعاله وهو السجود ومنه قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ}⁣[الحج: ١٨].