فصل في الجناس وأنواعه
  فالله تعالى يقول: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا}[الشورى: ٣٦] إن كان مسيئا فالله تعالى يقول {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا}[آل عمران: ١٧٨].
  وقال ميمون بن مهران بت ليلة عند عمر بن عبد العزيز فرأيته يبكي ويكثر من تمني الموت فقلت له إنك أحييت سننا وأمت بدعا وفي بقائك خير للمسلمين فما بالك تتمني الموت فقال ألا أكون كالعبد الصالح حين أقر الله له عينه وجمع له أمره قال {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ١٠١}[يوسف: ١٠١] وقالت الفلاسفة لا يستكمل الإنسان حد الإنسانية إلا بالموت لأن الإنسان هو الحي الناطق الميت.
  وقال بعضهم الصالح إذا مات استراح والطالح إذا مات استريح منه.
  وقال الشاعر:
  جزى الله عنا الموت خيرا فإنه ... أبر بنا من كل بر وأرأف
  يعجل تخليص النفوس من الأذى ... ويدني من الدار التي هي أشرف
  وقال آخر:
  من كان يرجو أن يعيش فإنني ... أصبحت أرجو أن أموت لأعتقا
  في الموت ألف فضيلة لو أنها ... عرفت لكان سبيله أن يعشقا
  وقال أبو العلاء:
  جسمي ونفسي لما استجمعا صنعا ... شرا إلي فجل الواحد الصمد