شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

14 - ومن كلام له # في مثل ذلك

صفحة 268 - الجزء 1

  فأما قوله: (أرضكم قريبة من الماء بعيدة من السماء)، فقد قدمنا معنى قوله: قريبة من الماء وذكرنا غرقها من بحر فارس دفعتين، ومراده # بقوله قريبة من الماء، أي: قريبة من الغرق بالماء، وأما بعيدة من السماء، فإن أرباب علم الهيئة وصناعة التنجيم يذكرون أن أبعد موضع في الأرض عن السماء الأبلة، وذلك موافق لقوله #.

  ومعنى البعد عن السماء هاهنا هو بعد تلك الأرض المخصوصة عن دائرة معدل النهار والبقاع والبلاد تختلف في ذلك، وقد دلت الأرصاد والآلات النجومية على أن أبعد موضع في المعمورة عن دائرة معدل النهار هو الأبلة و، الأبلة هي قصبة البصرة.

  وهذا الموضع من خصائص أمير المؤمنين #؛ لأنه أخبر عن أمر لا تعرفه العرب ولا تهتدى إليه، وهو مخصوص بالمدققين من الحكماء، وهذا من أسراره وغرائبه البديعة