فصل في الاعتراض وإيراد مثل منه
  مُفْتَرٍ}[النحل: ١٠١] فاعترض بين إذا وجوابها بقوله {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ}[النحل: ١٠١] فكأنه أراد أن يجيبهم عن دعواهم فجعل الجواب اعتراضا.
  ومن ذلك قوله {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}[لقمان: ١٤] فاعترض بقوله {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}[لقمان: ١٤] بين {وَصَّيْنَا} وبين الموصى به وفائدة ذلك إذكار الولد بما كابدته أمه من المشقة في حمله وفصاله.
  ومن ذلك قوله {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ٧٢ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا}[البقرة: ٧٢ - ٧٣] فقوله {وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ٧٢}[البقرة: ٧٢] اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه والمراد أن يقرر في أنفس السامعين أنه لا ينفع البشر كتمانهم وإخفاؤهم لما يريد الله إظهاره.
  ومن الاعتراض في الشعر قول جرير:
  ولقد أراني والجديد إلى بلى ... في موكب بيض الوجوه كرام
  فقوله والجديد إلى بلى اعتراض والمراد تعزيته نفسه عما مضى من تلك اللذات.
  وكذلك قول كثير:
  لو أن الباخلين وأنت منهم ... رأوك تعلموا منك المطالا
  فقوله وأنت منهم اعتراض وفائدته ألا تظن أنها ليست باخلة.