شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في الاعتراض وإيراد مثل منه

صفحة 44 - الجزء 9

  ومن ذلك قول الشاعر:

  فلو سألت سراة الحي سلمى ... على أن قد تلون بي زماني

  لخبرها ذوو أحساب قومي ... وأعدائي فكل قد بلاني

  بذبي الذم عن حسبي ومالي ... وزبونات أشوس تيحان

  وإني لا أزال أخا حروب ... إذا لم أجن كنت مجن جاني

  فقوله

  على أن قد تلون بي زماني

  اعتراض وفائدته الإخبار عن أن السن قد أخذت منه وتغيرت بطول العمر أوصافه.

  ومن ذلك قول أبي تمام:

  رددت رونق وجهي في صحيفته ... رد الصقال بهاء الصارم الخذم

  وما أبالي وخير القول أصدقه ... حقنت لي ماء وجهي أم حقنت دمي

  فقوله

  وخير القول أصدقه اعتراض وفائدته إثبات صدقه في دعواه أنه لا يبالي أيهما حقن.

  فأما قول أبي تمام أيضا:

  وإن الغنى لي إن لحظت مطالبي ... من الشعر إلا في مديحك أطوع

  فإن الاعتراض فيه هو قوله إلا في مديحك وليس قوله إن لحظت مطالبي اعتراضا كما زعم ابن الأثير الموصلي لأن فائدة البيت معلقة عليه لأنه لا يريد أن الغنى