شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

من أخبار يوم الشورى وتولية عثمان

صفحة 58 - الجزء 9

  إلى قريش فيقولون هم قوم محمد وقبيله وأما قريش بينها فتقول إن آل محمد يرون لهم على الناس بنبوته فضلا ويرون أنهم أولياء هذا الأمر دون قريش ودون غيرهم من الناس وهم إن ولوه لم يخرج السلطان منهم إلى أحد أبدا ومتى كان في غيرهم تداولته قريش بينها لا والله لا يدفع الناس إلينا هذا الأمر طائعين أبدا.

  فقلت جعلت فداك يا ابن عم رسول الله لقد صدعت قلبي بهذا القول أفلا أرجع إلى المصر فأوذن الناس بمقالتك وأدعو الناس إليك فقال يا جندب ليس هذا زمان ذاك.

  قال فانصرفت إلى العراق فكنت أذكر فضل علي على الناس فلا أعدم رجلا يقول لي ما أكره وأحسن ما أسمعه قول من يقول دع عنك هذا وخذ فيما ينفعك فأقول إن هذا مما ينفعني وينفعك فيقوم عني ويدعني.

  وزاد أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري حتى رفع ذلك من قولي إلى الوليد بن عقبة أيام ولينا فبعث إلي فحبسني حتى كلم في فخلى سبيلي.

  وروى الجوهري قال نادى عمار بن ياسر ذلك اليوم يا معشر المسلمين إنا قد كنا وما كنا نستطيع الكلام قلة وذلة فأعزنا الله بدينه وأكرمنا برسوله فالحمد لله رب العالمين يا معشر قريش إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم تحولونه هاهنا مرة وهاهنا مرة ما أنا آمن أن ينزعه الله منكم ويضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله.

  فقال له هاشم بن الوليد بن المغيرة يا ابن سمية لقد عدوت طورك وما عرفت قدرك ما أنت وما رأت قريش لأنفسها إنك لست في شيء من أمرها وإماراتها فتنح عنها.

  وتكلمت قريش بأجمعها فصاحوا بعمار وانتهروه فقال الحمد لله رب العالمين ما زال أعوان الحق أذلاء ثم قام فانصرف