شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

144 - ومن خطبة له #

صفحة 85 - الجزء 9

  فإن قلت فهذا يناقض مذهب المعتزلة في قولهم بالواجبات عقلا ولو لم تبعث الرسل.

  قلت صحة مذهبهم تقتضي أن تحمل عموم الألفاظ على أن المراد بها الخصوص فيكون التأويل لئلا يكون للناس على الله حجة فيما لم يدل العقل على وجوبه ولا قبحه كالشرعيات وكذلك وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً على ما لم يكن العقل دليلا عليه حتى نبعث رسولا.

  الإعذار تقديم العذر ثم قال إن الله تعالى كشف الخلق بما تعبدهم به من الشرعيات على ألسنة الأنبياء ولم يكن أمرهم خافيا عنه فيحتاج إلى أن يكشفهم بذلك ولكنه أراد ابتلاءهم واختبارهم ليعلم أيهم أحسن عملا فيعاقب المسيء ويثيب المحسن.

  فإن قلت الإشكال قائم لأنه إذا كان يعلم أيهم يحسن وأيهم يسيء فما فائدة الابتلاء وهل هو إلا محض العبث قلت فائدة الابتلاء إيصال نفع إلى زيد لم يكن ليصح إيصاله إليه إلا بواسطة هذا الابتلاء وهو ما يقوله أصحابنا إن الابتلاء بالثواب قبيح والله تعالى يستحيل أن يفعل القبيح.

  قوله وللعقاب بواء أي مكافأة قالت ليلى الأخيلية

  فإن تكن القتلى بواء فإنكم

  فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر

  وأبأت القاتل بالقتيل واستبأته أيضا إذا قتلته به وقد باء الرجل بصاحبه أي قتل به