شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

152 - ومن خطبة له #

صفحة 152 - الجزء 9

  وسابع عشرها أنه عالم إذ لا معلوم ورب إذ لا مربوب وقادر إذ لا مقدور وكل هذا صحيح ومدلول عليه لأنه عالم فيما لم يزل وليس شيء من الأشياء بموجود وهو رب كل شيء قبل أن يخلقه كما تقول أنه سميع بصير قبل أن يدرك المسموعات والمبصرات أي قبل أن يخلقها وقادر على الأشياء قبل كونها لأنه يستحيل حال كونها أن تكون مقدوره لاستحالة إيجاد الموجود.

  وقد شرحنا كل هذه المسائل التوحيدية في كتبنا المصنفة في علم الكلام: مِنْهَا قَدْ طَلَعَ طَالِعٌ وَلَمَعَ لاَمِعٌ وَلاَحَ لاَئِحٌ وَاِعْتَدَلَ مَائِلٌ وَاِسْتَبْدَلَ اَللَّهُ بِقَوْمٍ قَوْماً وَبِيَوْمٍ يَوْماً وَاِنْتَظَرْنَا اَلْغِيَرَ اِنْتِظَارَ اَلْمُجْدِبِ اَلْمَطَرَ وَإِنَّمَا اَلْأَئِمَّةُ قُوَّامُ اَللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَعُرَفَاؤُهُ عَلَى عِبَادِهِ وَلاَ يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ عَرَفَهُمْ وَعَرَفُوهُ وَلاَ يَدْخُلُ اَلنَّارَ إِلاَّ مَنْ أَنْكَرَهُمْ وَأَنْكَرُوهُ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى خَصَّكُمْ بِالْإِسْلاَمِ وَاِسْتَخْلَصَكُمْ لَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اِسْمُ سَلاَمَةٍ وَجِمَاعُ كَرَامَةٍ اِصْطَفَى اَللَّهُ تَعَالَى مَنْهَجَهُ وَبَيَّنَ حُجَجَهُ مِنْ ظَاهِرِ عِلْمٍ وَبَاطِنِ حُكْمٍ لاَ تَفْنَى غَرَائِبُهُ وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ فِيهِ مَرَابِيعُ اَلنِّعَمِ وَمَصَابِيحُ اَلظُّلَمِ لاَ تُفْتَحُ اَلْخَيْرَاتُ إِلاَّ بِمَفَاتِيحِهِ وَلاَ تُكْشَفُ اَلظُّلُمَاتُ إِلاَّ بِمَصَابِيحِهِ قَدْ أَحْمَى حِمَاهُ وَأَرْعَى مَرْعَاهُ فِيهِ شِفَاءُ اَلْمُشْتَفِي اَلْمُسْتَشْفِي وَكِفَايَةُ اَلْمُكْتَفِي