شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

153 - ومن خطبة له #

صفحة 161 - الجزء 9

  عزائم الله هي موجباته والأمر المقطوع عليه الذي لا ريب فيه ولا شبهة قال # إن من الأمور التي نص الله تعالى عليها نصا لا يحتمل التأويل وهي من العزائم التي يقطع بها ولا رجوع فيها ولا نسخ لها أن من مات وهو على ذنب من هذه الذنوب المذكورة ولو اكتفى بذلك # لأغناه عن قوله لم يتب إلا أنه ذكر ذلك تأكيدا وزيادة في الإيضاح فإنه لا ينفعه فعل شيء من الأفعال الحسنة ولا الواجبة ولا تفيده العبادة ولو أجهد نفسه فيها بل يكون من أهل النار والذنوب المذكورة هي أن يتخذ مع الله إلها آخر فيشركه في العبادة أو يقتل إنسانا بغير حق بل ليشفي غيظه أو يقذف غيره بأمر قد فعله هو.

  عره بكذا يعره عرا أي عابه ولطخه أو يروم بلوغ حاجة من أحد بإظهار بدعة في الدين كما يفعل أكثر الناس في زماننا أو يكون ذا وجهين وهو أيضا قوله أو يمشي فيهم بلسانين وإنما أعاده تأكيدا.

  لما نصب معاوية ابنه يزيد لولاية العهد أقعده في قبة حمراء وأدخل الناس يسلمون على معاوية ثم يميلون إلى قبة يزيد فيسلمون عليه بولاية العهد حتى جاء رجل ففعل ذلك ثم رجع إلى معاوية فقال يا أمير المؤمنين أما إنك لو لم تول هذا أمور المسلمين لأضعتها وكان الأحنف جالسا فلما خف الناس قال معاوية ما بالك لا تقول يا أبا بحر قال أخاف الله إن كذبتك وأخافك إن صدقتك فما ذا أقول فقال جزاك الله عن الطاعة خيرا وأمر له بصلة جزيلة فلما خرج لقيه ذلك الرجل بالباب فقال يا أبا بحر إني لأعلم أن شر من خلق الله هذا الرجل ولكن هؤلاء