155 - ومن خطبة له # يذكر فيها بديع خلقة الخفاش
  فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ اَللَّيْلَ لَهَا نَهَاراً وَمَعَاشاً وَاَلنَّهَارَ سَكَناً وَقَرَاراً وَجَعَلَ لَهَا أَجْنِحَةً مِنْ لَحْمِهَا تَعْرُجُ بِهَا عِنْدَ اَلْحَاجَةِ إِلَى اَلطَّيَرَانِ كَأَنَّهَا شَظَايَا اَلآْذَانِ غَيْرَ ذَوَاتِ رِيشٍ وَلاَ قَصَبٍ إِلاَّ أَنَّكَ تَرَى مَوَاضِعَ اَلْعُرُوقِ بَيِّنَةً أَعْلاَماً لَهَا جَنَاحَانِ لَمَّا يَرِقَّا فَيَنْشَقَّا وَلَمْ يَغْلُظَا فَيَثْقُلاَ تَطِيرُ وَوَلَدُهَا لاَصِقٌ بِهَا لاَجِئٌ إِلَيْهَا يَقَعُ إِذَا وَقَعَتْ وَيَرْتَفِعُ إِذَا اِرْتَفَعَتْ لاَ يُفَارِقُهَا حَتَّى تَشْتَدَّ أَرْكَانُهُ وَيَحْمِلَهُ لِلنُّهُوضِ جَنَاحُهُ وَيَعْرِفَ مَذَاهِبَ عَيْشِهِ وَمَصَالِحَ نَفْسِهِ فَسُبْحَانَ اَلْبَارِئِ لِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ خَلاَ مِنْ غَيْرِهِ الخفاش واحد جمعه خفافيش وهو هذا الطائر الذي يطير ليلا ولا يطير نهارا وهو مأخوذ من الخفش وهو ضعف في البصر خلقة والرجل أخفش وقد يكون علة وهو الذي يبصر بالليل لا بالنهار أو في يوم غيم لا في يوم صحو.
  وانحسرت الأوصاف كلت وأعيت وردعت كفت والمساغ المسلك.
  قال أحق وأبين مما ترى العيون وذلك لأن العلوم العقلية إذا كانت ضرورية أو قريبة من الضرورية كانت أوثق من المحسوسات لأن الحس يغلط دائما فيرى الكبير صغيرا كالبعيد والصغير كبيرا كالعنبة في الماء ترى كالإجاصة ويرى الساكن متحركا كجرف الشط إذا رآه راكب السفينة متصاعدا ويرى المتحرك ساكنا كالظل إلى غير ذلك من الأغاليط والقضايا العقلية الموثوق بها لأنها بديهية أو تكاد فالغلط غير داخل عليها قوله يقبضها الضياء أي يقبض أعينها.
  قوله وتتصل بعلانية برهان الشمس كلام جيد في مذاهب الاستعارة.