شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

17 - ومن كلام له # في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة وليس لذلك بأهل

صفحة 284 - الجزء 1

  اَلْمَوَارِيثُ إِلَى اَللَّهِ مِنْ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالاً وَيَمُوتُونَ ضُلاَّلاً لَيْسَ فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ اَلْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ وَلاَ سِلْعَةٌ أَنْفَقُ بَيْعاً وَلاَ أَغْلَى ثَمَناً مِنَ اَلْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَلاَ عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ اَلْمَعْرُوفِ وَلاَ أَعْرَفُ مِنَ اَلْمُنْكَرِ)، وكله إلى نفسه تركه ونفسه وكلته وكلا ووكولا والجائر الضال العادل عن الطريق، وقمش جهلا جمعه، وموضع مسرع أوضع البعير أسرع وأوضعه راكبه فهو موضع به، أي: أسرع به.

  وأغباش الفتنة ظلمها الواحدة غبش وأغباش الليل بقايا ظلمته، ومنه الحديث في صلاة الصبح والنساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغبش والماء الآجن الفاسد، وأكثر كقولك استكثر ويروى اكتنز، أي: اتخذ العلم كنزا.

  والتخليص التبيين، وهو والتلخيص متقاربان ولعلهما شيء واحد من المقلوب.

  والمبهمات المشكلات وإنما قيل لها مبهمة؛ لأنها أبهمت عن البيان كأنها أصمتت، فلم يجعل عليها دليل ولا إليها سبيل أو جعل عليها دليل، وإليها سبيل إلا أنه متعسر مستصعب ولهذا قيل لما لا ينطق من الحيوان بهيمة، وقيل: للمصمت اللون الذي لا شية فيه بهيم.

  وقوله: حشوا رثا كلام مخرجه الذم والرث الخلق ضد الجديد.

  وقوله: حشوا يعني كثيرا لا فائدة فيه وعاش خابط في ظلام، وقوله: لم يعض يريد أنه لم يتقن ولم يحكم الأمور فيكون بمنزلة من يعض بالناجذ، وهو آخر الأضراس وإنما