شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

17 - ومن كلام له # في صفة من يتصدى للحكم بين الأمة وليس لذلك بأهل

صفحة 285 - الجزء 1

  يطلع إذا استحكمت شبيبة الإنسان واشتدت مرته ولذلك يدعوه العوام ضرس الحلم، كأن الحلم يأتي مع طلوعه ويذهب نزق الصبا ويقولون: رجل منجذ، أي: مجرب محكم، كأنه قد عض على ناجذه وكمل عقله.

  وقوله: يذري الروايات هكذا أكثر النسخ، وأكثر الروايات يذري من أذرى رباعيا، وقد أوضحه قوله: إذراء الريح يقال طعنه فأذراه، أي: ألقاه وأذريت الحب للزرع، أي: ألقيته فكأنه يقول يلقي الروايات كما يلقي الإنسان الشيء على الأرض والأجود الأصح الرواية الأخرى يذرو الروايات ذرو الريح الهشيم، وهكذا ذكر ابن قتيبة في غريب الحديث لما ذكر هذه الخطبة عن أمير المؤمنين # قال تعالى: {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ}⁣[الكهف: ٤٥] والهشيم ما يبس من النبت وتفتت.

  قوله: لا ملي ء، أي: لا قيم به وفلان غني ملي ء، أي: ثقة بين الملأ والملاء بالمد وفي كتاب ابن قتيبة تتمة هذا الكلام ولا أهل لما قرظ به قال، أي: ليس بمستحق للمدح الذي مدح به، والذي رواه ابن قتيبة من تمام كلام أمير المؤمنين #: هو الصحيح الجيد؛ لأنه يستقبح في العربية أن تقول لا زيد قائم حتى تقول ولا عمرو أو تقول ولا قاعد فقوله: # لا ملي ء، أي: لا هو مليء وهذا يستدعي لا ثانية ولا يحسن الاقتصار على الأولى.

  وقوله #: اكتتم به، أي: كتمه وستره، وقوله: تصرخ منه وتعج العج رفع الصوت وهذا من باب الاستعارة.

  وفي كثير من النسخ إلى الله أشكو، فمن روى ذلك وقف على المواريث