158 - ومن خطبة له #
  ثم قال # من شغل نفسه بغير نفسه هلك وذلك أن من لا يوفي النظر حقه ويميل إلى الأهواء ونصرة الأسلاف والحجاج عما ربي عليه بين الأهل والأستاذين الذين زرعوا في قلبه العقائد يكون قد شغل نفسه بغير نفسه لأنه لم ينظر لها ولا قصد الحق من حيث هو حق وإنما قصد نصرة مذهب معين يشق عليه فراقه ويصعب عنده الانتقال منه ويسوؤه أن يرد عليه حجة تبطله فيسهر عينه ويتعب قلبه في تهويس تلك الحجة والقدح فيها بالغث والسمين لا لأنه يقصد الحق بل يقصد نصرة المذهب المعين وتشييد دليله لا جرم أنه متحير في ظلمات لا نهاية لها.
  والارتباك الاختلاط ربكت الشيء أربكه ربكا خلطته فارتبك أي اختلط وارتبك الرجل في الأمر أي نشب فيه ولم يكد يتخلص منه.
  قوله ومدت به شياطينه في طغيانه مأخوذ من قوله تعالى {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ ٢٠٢}[الأعراف: ٢٠٢].
  و روي ومدت له شياطينه باللام ومعناه الإمهال مد له في الغي أي طول له وقال تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا}[مريم: ٧٥].
  قوله وزينت له سيئ أعماله مأخوذ من قوله تعالى {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا}[فاطر: ٨].
  قوله التقوى دار حصن عزيز معناه دار حصانة عزيزة فأقام الاسم مقام المصدر وكذلك في الفجور.
  ويحرز من لجأ إليه يحفظ من اعتصم به.