شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

158 - ومن خطبة له #

صفحة 215 - الجزء 9

  السافلين وهم الأشقياء وهذا هو السير الحقيقي لا حركة الرجل بالمشي ومن أثبت الأنفس المجردة قال سيرها خلوصها من عالم الحس واتصالها المعنوي لا الأبدي ببارئها فهو سير في المعنى لا في الصورة ومن لم يقل بهذا ولا بهذا قال إن الأبدان بعد الموت تأخذ في التحلل والتزايل فيعود كل شيء منها إلى عنصره فذاك هو السير.

  وما في عما قليل زائدة وتبعته إثمه وعقوبته.

  قوله إنه ليس لما وعد الله من الخير مترك أي ليس الثواب فيما ينبغي للمرء أن يتركه ولا الشر فيما ينبغي أن يرغب المرء فيه.

  وتفحص فيه الأعمال تكشف والزلزال بالفتح اسم للحركة الشديدة والاضطراب والزلزال بالكسر المصدر قال تعالى {وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ١١}⁣[الأحزاب: ١١].

  قوله ويشيب فيه الأطفال كلام جار مجرى المثل يقال في اليوم الشديد إنه ليشيب نواصي الأطفال وقال تعالى {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ١٧}⁣[المزمل: ١٧] وليس ذلك على حقيقته لأن الأمة مجمعة على أن الأطفال لا تتغير حالهم في الآخرة إلى الشيب والأصل في هذا أن الهموم والأحزان إذا توالت على الإنسان شاب سريعا قال أبو الطيب:

  والهم يخترم الجسيم نحافة ... ويشيب ناصية الصبي ويهرم

  قوله إن عليكم رصدا من أنفسكم وعيونا من جوارحكم لأن الأعضاء تنطق في القيامة بأعمال المكلفين وتشهد عليهم.