شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

161 - ومن خطبة له #

صفحة 223 - الجزء 9

  يجوز أن يكون أمره هاهنا هو الأمر الفعلي لا الأمر القولي كما يقال أمر فلان مستقيم وما أمر كذا وقال تعالى {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ٥٠}⁣[القمر: ٥٠] {وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ}⁣[النحل: ٧٧] فيكون المعنى أن شأنه تعالى ليس إلا أحد شيئين وهما أن يقول وأن يفعل فعبر عن أن يقول بقوله قضاء لأن القضاء الحكم وعبر عن أن يفعل بقوله وحكمة لأن أفعاله كلها تتبع دواعي الحكمة ويجوز أن يكون أمره هو الأمر القولي وهو المصدر من أمر له بكذا أمرا فيكون المعنى أن أوامره إيجاب وإلزام بما فيه حكمة ومصلحة وقد جاء القضاء بمعنى الإلزام والإيجاب في القرآن العزيز في قوله {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}⁣[الإسراء: ٢٣] أي أوجب وألزم.

  قوله ورضاه أمان ورحمة لأن من فاز بدرجة الرضا فقد أمن وحصلت له الرحمة لأن الرضا رحمة وزيادة.

  قوله يقضي بعلم أي يحكم بما يحكم به لأنه عالم بحسن ذلك القضاء أو وجوبه في العدل.

  قوله ويعفو بحلم أي لا يعفو عن عجز وذل كما يعفو الضعيف عن القوي بل هو قادر على الانتقام ولكنه يحلم.

  ثم حمد الله تعالى على الإعطاء والأخذ والعافية والبلاء لأن ذلك كله من عند الله لمصالح للمكلف يعلمها وما يعلمها المكلف والحمد على المصالح واجب.