شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

166 - ومن خطبة له # يذكر فيها عجيب خلقة الطاوس

صفحة 268 - الجزء 9

  وَ مِنْ أَعْجَبِهَا خَلْقاً اَلطَّاوُسُ اَلَّذِي أَقَامَهُ فِي أَحْسَنِ أَحْكَمِ تَعْدِيلٍ وَنَضَّدَ أَلْوَانَهُ فِي أَحْسَنِ تَنْضِيدٍ بِجَنَاحٍ أَشْرَجَ قَصَبَهُ وَذَنَبٍ أَطَالَ مَسْحَبَهُ إِذَا دَرَجَ إِلَى اَلْأُنْثَى نَشَرَهُ مِنْ طَيِّهِ وَسَمَا بِهِ مُطِلاًّ عَلَى رَأْسِهِ كَأَنَّهُ قِلْعُ دَارِيٍّ عَنَجَهُ نُوتِيُّهُ يَخْتَالُ بِأَلْوَانِهِ وَيَمِيسُ بِزَيَفَانِهِ يُفْضِي كَإِفْضَاءِ اَلدِّيَكَةِ وَيَؤُرُّ بِمَلاَقِحِهِ أَرَّ اَلْفُحُولِ اَلْمُغْتَلِمَةِ لِلضِّرَابِ أُحِيلُكَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مُعَايَنَةٍ لاَ كَمَنْ يُحِيلُ عَلَى ضَعِيفٍ إِسْنَادُهُ وَلَوْ كَانَ كَزَعْمِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُلْقِحُ بِدَمْعَةٍ تَسْفَحُهَا مَدَامِعُهُ فَتَقِفُ فِي ضَفَّتَيْ جُفُونِهِ وَأَنَّ أُنْثَاهُ تَطْعَمُ ذَلِكَ ثُمَّ تَبِيضُ لاَ مِنْ لِقَاحِ فَحْلٍ سِوَى اَلدَّمْعِ اَلْمُنْبَجِسِ لَمَا كَانَ ذَلِكَ بِأَعْجَبَ مِنْ مُطَاعَمَةِ اَلْغُرَابِ الطاوس فاعول كالهاضوم والكابوس وترخيمه طويس ونضد رتب قوله أشرج قصبه القصب هاهنا عروق الجناح وغضاريفه عظامه الصغار وأشرجها ركب بعضها في بعض كما تشرج العيبة أي يداخل بين أشراجها وهي عراها واحدها شرج بالتحريك.

  ثم ذكر ذنب الطاوس وأنه طويل المسحب وأن الطاوس إذا درج إلى الأنثى للسفاد نشر ذنبه من طيه وعلا به مرتفعا على رأسه والقلع شراع السفينة وجمعه قلاع والداري جالب العطر في البحر من دارين وهي فرضة بالبحرين فيها سوق يحمل إليها المسك من الهند وفي الحديث الجليس الصالح كالداري إن لم يحذك من عطره علقك من ريحه قال الشاعر