شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

173 - ومن خطبة له #

صفحة 304 - الجزء 9

١٧٣ - ومن خطبة له #

  اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لاَ تُوَارِي عَنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً وَلاَ أَرْضٌ أَرْضاً هذا الكلام يدل على إثبات أرضين بعضها فوق بعض كما أن السماوات كذلك ولم يأت في الكتاب العزيز ما يدل على هذا إلا قوله تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}⁣[الطلاق: ١٢] وهو قول كثير من المسلمين.

  وقد تأول ذلك أرباب المذهب الآخر القائلون بأنها أرض واحدة فقالوا إنها سبعة أقاليم فالمثلية هي من هذا الوجه لا من تعدد الأرضين في ذاتها.

  ويمكن أن يتأول مثل ذلك كلام أمير المؤمنين # فيقال إنها وإن كانت أرضا واحدة لكنها أقاليم وأقطار مختلفة وهي كرية الشكل فمن على حدبة الكرة لا يرى من تحته ومن تحته لا يراه ومن على أحد جانبيها لا يرى من على الجانب الآخر والله تعالى يدرك ذلك كله أجمع ولا يحجب عنه شيء منها بشيء منها.

  فأما قوله # لا تواري عنه سماء سماء فلقائل أن يقول ولا يتوارى شيء من السماوات عن المدركين منا لأنها شفافة فأي خصيصة للباري تعالى في ذلك فينبغي أن يقال هذا الكلام على قاعدة غير القاعدة الفلسفية بل هو على قاعدة