شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في القرآن وذكر الآثار التي وردت بفضله

صفحة 31 - الجزء 10

  وقال إن ما أحدث الناس لا يحل لكم شيئا مما حرم عليكم أي ما أحدثوه من القياس والاجتهاد وليس هذا بقادح في القياس ولكنه مانع من تقديمه على النص وهكذا يقول أصحابنا.

  قوله وضرستموها بالتشديد أي أحكمتموها تجربة وممارسة يقال قد ضرسته الحرب ورجل مضرس.

  قوله فلا يصم عن ذلك إلا أصم أي لا يصم عنه إلا من هو حقيق أن يقال عنه إنه أصم كما تقول ما يجهل هذا الأمر إلا جاهل أي بالغ في الجهل.

  ثم قال من لم ينفعه الله بالبلاء أي بالامتحان والتجربة لم تنفعه المواعظ وجاءه النقص من بين يديه حتى يتخيل فيما أنكره أنه قد عرفه وينكر ما قد كان عارفا به وسمى اعتقاد العرفان وتخيله عرفانا على المجاز.

  ثم قسم الناس إلى رجلين إما متبع طريقة ومنهاجا أو مبتدع ما لا يعرف وليس بيده حجة فالأول المحق والثاني المبطل.

  والشرعة المنهاج والبرهان الحجة: فَإِنَّ وَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هَذَا اَلْقُرْآنِ فَإِنَّهُ حَبْلُ اَللَّهِ اَلْمَتِينُ وَسَبَبُهُ اَلْأَمِينُ وَفِيهِ رَبِيعُ اَلْقَلْبِ وَيَنَابِيعُ اَلْعِلْمِ وَمَا لِلْقَلْبِ جَلاَءٌ غَيْرُهُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ اَلْمُتَذَكِّرُونَ وَبَقِيَ اَلنَّاسُونَ أَوِ اَلْمُتَنَاسُونَ فَإِذَا رَأَيْتُمْ خَيْراً فَأَعِينُوا عَلَيْهِ وَإِذَا رَأَيْتُمْ شَرّاً فَاذْهَبُوا عَنْهُ فَإِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ ÷ كَانَ يَقُولُ يَا اِبْنَ آدَمَ اِعْمَلِ اَلْخَيْرَ وَدَعِ اَلشَّرَّ فَإِذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ