شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

22 - ومن خطبة له #

صفحة 305 - الجزء 1

  وكلامه في هذه الخطبة مع أصحاب الجمل والداعي هو أحد الثلاثة الرجلان والمرأة.

  ثم قال على سبيل الاستصغار لهم، والاستحقار من دعا وإلى ما ذا أجيب، أي: أحقر بقوم دعاهم هذا الداعي، وأقبح بالأمر الذي أجابوه إليه فما أفحشه وأرذله.

  وقال الراوندي: يا خيبة الداعي، تقديره يا هؤلاء، فحذف المنادى، ثم قال: خيبة الداعي، أي: خاب الداعي خيبة وهذا ارتكاب ضرورة لا حاجة إليها، وإنما يحذف المنادى في المواضع التي دل الدليل فيها على الحذف كقوله: يا فانظر أيمن الوادي على إضم، وأيضا فإن المصدر الذي لا عامل فيه غير جائز حذف عامله، وتقدير حذفه تقدير ما لا دليل عليه.

  وهبلته أمه بكسر الباء ثكلته.

  وقوله: لقد كنت وما أهدد بالحرب، معناه ما زلت لا أهدد بالحرب، والواو زائدة، وهذه كلمة فصيحة كثيرا ما تستعملها العرب، وقد ورد في القرآن العزيز كان بمعنى ما زال في قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ١٧}⁣[النساء: ١٧] ونحو ذلك من الآي معنى ذلك لم يزل الله عليما حكيما، والذي تأوله المرتضى ¦ في تكملة الغرر والدرر كلام متكلف والوجه الصحيح ما ذكرناه.

  وهذه الخطبة ليست من خطب صفين كما ذكره الراوندي، بل من خطب الجمل وقد ذكر كثيرا منها أبو مخنف ¦، قال: حدثنا مسافر بن عفيف بن أبي الأخنس.