شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

181 - ومن كلام له # في ذم أصحابه

صفحة 73 - الجزء 10

  ومشقة مفارقة الأسلاف الذين قد انغرس في النفس تعظيمهم ومالت القلوب إلى تقليدهم لحسن الظن بهم.

  ثم قال أقرب بقوم أي ما أقربهم من الجهل كما قال تعالى {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ}⁣[مريم: ٣٨] أي ما أسمعهم وأبصرهم.

  فإن قلت قد كان يجب أن يقول وأقرب بقوم قائدهم معاوية ومؤدبهم ابن النابغة من الجهل فلا يحول بين النكرة الموصوفة وصفتها بفاصل غريب ولم يقل ذلك بل فصل بين الصفة والموصوف بأجنبي منهما.

  قلت قد جاء كثير من ذلك نحو قوله تعالى {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ}⁣[التوبة: ١٠١] في قول من لم يجعل مردوا صفة أقيمت مقام الموصوف لأنه يجعل مردوا صفة القوم المحذوفين المقدرين بعد الأعراب وقد حال بين ذلك وبين مردوا قوله وَمِنْ أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ.

  ونحوه قوله {أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ١ قَيِّمًا}⁣[الكهف: ١ - ٢].

  فإن قيما حال من الكتاب وقد توسط بين الحال وذي الحال وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً والحال كالصفة ولأنهم قد أجازوا مررت برجل أيها الناس طويل والنداء أجنبي على أنا لا نسلم أن قوله من الجهل أجنبي لأنه متعلق بأقرب والأجنبي ما لا تعلق له بالكلام