شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

184 - من خطبة له #

صفحة 116 - الجزء 10

  وَ اِعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرْضَى عَنْكُمْ بِشَيْ ءٍ سَخِطَهُ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَلَنْ يَسْخَطَ عَلَيْكُمْ بِشَيْ ءٍ رَضِيَهُ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَإِنَّمَا تَسِيرُونَ فِي أَثَرٍ بَيِّنٍ وَتَتَكَلِّمُونَ بِرَجْعِ قَوْلٍ قَدْ قَالَهُ اَلرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكُمْ قَدْ كَفَاكُمْ مَئُونَةَ دُنْيَاكُمْ وَحَثَّكُمْ عَلَى اَلشُّكْرِ وَاِفْتَرَضَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ اَلذِّكْرَ وَأَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَى وَجَعَلَهَا مُنْتَهَى رِضَاهُ وَحَاجَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ فَاتَّقُوا اَللَّهَ اَلَّذِي أَنْتُمْ بِعَيْنِهِ وَنَوَاصِيكُمْ بِيَدِهِ وَتَقَلُّبُكُمْ فِي قَبْضَتِهِ إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَهُ وَإِنْ أَعْلَنْتُمْ كَتَبَهُ قَدْ وَكَّلَ بِذَلِكَ حَفَظَةً كِرَاماً لاَ يُسْقِطُونَ حَقّاً وَلاَ يُثْبِتُونَ بَاطِلاً وَاِعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اَللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً مِنَ اَلْفِتَنِ وَنُوراً مِنَ اَلظُّلَمِ وَيُخَلِّدْهُ فِيمَا اِشْتَهَتْ نَفْسُهُ وَيُنْزِلْهُ مَنْزِلَ اَلْكَرَامَةِ عِنْدَهُ فِي دَارٍ اِصْطَنَعَهَا لِنَفْسِهِ ظِلُّهَا عَرْشُهُ وَنُورُهَا بَهْجَتُهُ وَزُوَّارُهَا مَلاَئِكَتُهُ وَرُفَقَاؤُهَا رُسُلُهُ فَبَادِرُوا اَلْمَعَادَ وَسَابِقُوا اَلآْجَالَ فَإِنَّ اَلنَّاسَ يُوشِكُ أَنْ يَنْقَطِعَ بِهِمُ اَلْأَمَلُ وَيَرْهَقَهُمُ اَلْأَجَلُ وَيُسَدَّ عَنْهُمْ بَابُ اَلتَّوْبَةِ فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي مِثْلِ مَا سَأَلَ إِلَيْهِ اَلرَّجْعَةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَأَنْتُمْ بَنُو سَبِيلٍ عَلَى سَفَرٍ مِنْ دَارٍ لَيْسَتْ بِدَارِكُمْ وَقَدْ أُوذِنْتُمْ مِنْهَا بِالاِرْتِحَالِ وَأُمِرْتُمْ فِيهَا بِالزَّادِ جعل القرآن آمرا وزاجر لما كان خالقه وهو الله سبحانه آمرا زاجرا به فأسند الأمر والزجر إليه كما تقول سيف قاتل وإنما القاتل الضارب به وجعله صامتا ناطقا لأنه من حيث هو حروف وأصوات صامت إذ كان العرض يستحيل أن يكون ناطقا