190 - ومن خطبة له #
  والظاهر أنه يرمز في قوله # لم أرد على الله ولا على رسوله ساعة قط إلى أمور وقعت من غيره كما جرى يوم الحديبية عند سطر كتاب الصلح فإن بعض الصحابة أنكر ذلك وقال يا رسول الله ألسنا المسلمين قال بلى قال أوليسوا الكافرين قال بلى قال فكيف نعطي الدنية في ديننا فقال ÷ إنما أعمل بما أومر به فقال قوم من الصحابة ألم يكن قد وعدنا بدخول مكة وها نحن قد صددنا عنها ثم ننصرف بعد أن أعطينا الدنية في ديننا والله لو أجد أعوانا لم أعط الدنية أبدا فقال أبو بكر لهذا القائل ويحك الزم غرزه فو الله إنه لرسول الله ÷ وإن الله لا يضيعه.
  ثم قال له أقال لك إنه سيدخلها هذا العام قال لا قال فسيدخلها فلما فتح النبي ÷ مكة وأخذ مفاتيح الكعبة دعاه فقال هذا الذي وعدتم به.
  واعلم أن هذا الخبر صحيح لا ريب فيه والناس كلهم رووه وليس عندي بقبيح ولا مستهجن أن يكون سؤال هذا الشخص لرسول الله ÷ عما سأله عنه على سبيل الاسترشاد والتماسا لطمأنينة النفس فقد قال الله تعالى لخليله إبراهيم {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة: ٢٦٠] وقد كانت الصحابة تراجع رسول الله ÷ في الأمور وتسأله عما يستبهم عليها وتقول له أهذا منك أم من الله وقال له السعدان رحمهما الله يوم الخندق وقد عزم على مصالحة الأحزاب ببعض تمر المدينة أهذا من الله أم رأي رأيته من نفسك قال بل من نفسي قالا لا والله لا نعطيهم منها تمرة واحدة وأيدينا في مقابض سيوفنا.