شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

190 - ومن خطبة له #

صفحة 181 - الجزء 10

  وقالت الأنصار له يوم بدر وقد نزل بمنزل لم يستصلحوه أنزلت هذا المنزل عن رأي رأيت أم بوحي أوحي إليك قال بل عن رأي رأيته قالوا إنه ليس لنا بمنزل ارحل عنه فانزل بموضع كذا.

  وأما قول أبي بكر له الزم غرزه فو الله إنه لرسول الله ÷ فإنما هو تأكيد وتثبيت على عقيدته التي في قلبه ولا يدل ذلك على الشك فقد قال الله تعالى لنبيه {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ٧٤}⁣[الإسراء: ٧٤] وكل أحد لا يستغني عن زيادة اليقين والطمأنينة وقد كانت وقعت من هذا القائل أمور دون هذه القصة كقوله دعني أضرب عنق أبي سفيان وقوله دعني أضرب عنق عبد الله بن أبي وقوله دعني أضرب عنق حاطب بن أبي بلتعة ونهي النبي ÷ له عن التسرع إلى ذلك وجذبه ثوب رسول الله ÷ حين قام على جنازة ابن سلول يصلي وقوله كيف تستغفر لرأس المنافقين وليس في ذلك جميعه ما يدل على وقوع القبيح منه وإنما الرجل كان مطبوعا على الشدة والشراسة والخشونة وكان يقول ما يقول على مقتضى السجية التي طبع عليها وعلى أي حال كان فلقد نال الإسلام بولايته وخلافته خيرا كثيرا.

  قوله # ولقد واسيته بنفسي يقال واسيته وآسيته وبالهمزة أفصح وهذا مما اختص # بفضيلته غير مدافع ثبت معه يوم أحد وفر الناس وثبت معه يوم حنين وفر الناس وثبت تحت رايته يوم خيبر حتى فتحها وفر من كان بعث بها من قبله.