فصل في ذم الحاسد والحسد
  الأحنف بن قيس، ومالك بن مسمع، وحمدان الحجام، فقالوا هذا الخبيث يصلب مع هذين الرئيسين.
  فقال: ألم أقل لكم إن الناس يحسدون على الصلب.
  وروى أنس بن مالك مرفوعا أن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب وفي الكتب القديمة يقول الله ø الحاسد، عدو نعمتي متسخط لفعلي غير راض بقسمتي، وقال الأصمعي: رأيت أعرابيا قد بلغ مائة وعشرين سنة، فقلت له: ما أطول عمرك؟ فقال: تركت الحسد فبقيت.
  وقال بعضهم ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من حاسد.
  قال الشاعر:
  تراه كأن الله يجدع أنفه ... وأذنيه إن مولاه ثاب إلى وفر
  وقال آخر:
  قل للحسود إذا تنفس ضغنه ... يا ظالما وكأنه مظلوم
  ومن كلام الحكماء إياك والحسد فإنه يبين فيك ولا يبين في المحسود.
  ومن كلامهم من دناءة الحاسد أنه يبدأ بالأقرب فالأقرب.
  وقيل لبعضهم لزمت البادية وتركت قومك وبلدك قال وهل بقي إلا حاسد نعمة أو شامت بمصيبة.
  بينا عبد الملك بن صالح يسير مع الرشيد في موكبه إذ هتف هاتف يا أمير المؤمنين، طأطئ من إشرافه وقصر من عنانه واشدد من شكاله وكان عبد الملك متهما