فصل في ذم الحاسد والحسد
  عند الرشيد بالطمع في الخلافة فقال الرشيد ما يقول هذا فقال عبد الملك مقال حاسد ودسيس حاقد يا أمير المؤمنين، قال: قد صدقت نقص القوم وفضلتهم وتخلفوا، وسبقتهم حتى برز شأوك وقصر عنك غيرك ففي صدورهم جمرات التخلف وحزازات التبلد.
  قال عبد الملك فأضرمها يا أمير المؤمنين، عليهم بالمزيد.
  وقال شاعر:
  يا طالب العيش في أمن وفي دعة ... محضا بلا كدر صفوا بلا رنق
  خلص فؤادك من غل ومن حسد ... فالغل في القلب مثل الغل في العنق
  ومن كلام عبد الله بن المعتز إذا زال المحسود عليه علمت أن الحاسد كان يحسد على غير شي ء.
  ومن كلامه الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له بخيل بما لا يملكه.
  ومن كلامه لا راحة لحاسد ولا حياة لحريص.
  ومن كلامه الميت يقل الحسد له ويكثر الكذب عليه ومن كلامه ما ذل قوم حتى ضعفوا، وما ضعفوا حتى تفرقوا، وما تفرقوا حتى اختلفوا، وما اختلفوا حتى تباغضوا، وما تباغضوا حتى تحاسدوا، وما تحاسدوا حتى استأثر بعضهم على بعض.
  وقال الشاعر:
  إن يحسدوني فإني غير لائمهم ... قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
  فدام لي ولهم ما بي وما بهم ... ومات أكثرنا غيظا بما يجد