شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

192 - ومن كلام له # كان يوصي به أصحابه

صفحة 204 - الجزء 10

  وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ٤٤ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ٤٥ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ٤٦}⁣[المدثر: ٤٤ - ٤٦].

  قالوا وليس لقائل أن يقول معنى قوله {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ٤٣}⁣[المدثر: ٤٣] لم نكن من القائلين بوجوب الصلاة لأنه قد أغنى عن هذا التعليل قوله {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ ٤٦}⁣[المدثر: ٤٦] لأن أحد الأمرين هو الآخر وحمل الكلام على ما يفيد فائدة جديدة أولى من حمله على التكرار والإعادة فقد ثبت بهذا التقرير صحة احتجاج أمير المؤمنين # على تأكيد أمر الصلاة وأنها من العبادات المهمة في نظر الشارع.

  قوله # وإنها لتحت الذنوب الحت نثر الورق من الغصن وانحات أي تناثر وقد جاء هذا اللفظ في الخبر النبوي بعينه.

  والربق جمع ربقة وهي الحبل أي تطلق الصلاة الذنوب كما تطلق الحبال المعقدة أي تحل ما انعقد على المكلف من ذنوبه وهذا من باب الاستعارة.

  ويروى تعهدوا أمر الصلاة بالتضعيف وهو لغة يقال تعاهدت ضيعتي وتعهدتها وهو القيام عليها وأصله من تجديد العهد بالشيء والمراد المحافظة عليه وقوله تعالى {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ١٠٣}⁣[النساء: ١٠٣] أي واجبا وقيل موقوتا أي منجما كل وقت لصلاة معينة وتؤدى هذه الصلاة في نجومها.

  وقوله كتابا أي فرضا واجبا كقوله تعالى {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}⁣[الأنعام: ٥٤] أي أوجب.

  والحمة الحفيرة فيها الحميم وهو الماء الحار وهذا الخبر من الأحاديث الصحاح قال ÷ أيسر أحدكم أن تكون على بابه حمة يغتسل منها كل يوم خمس