شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر الآثار الواردة في فضل الزكاة والتصدق

صفحة 210 - الجزء 10

  كان الحسن بن صالح إذا جاءه سائل فإن كان عنده ذهب أو فضة أو طعام أعطاه فإن لم يكن أعطاه زيتا أو سمنا أو نحوهما مما ينتفع به فإن لم يكن أعطاه كحلا أو خرج بإبرة وخاط بها ثوب السائل أو بخرقة يرقع بها ما تخرق من ثوبه.

  ووقف مرة على بابه سائل ليلا ولم يكن عنده ما يدفعه إليه فخرج إليه بقصبة في رأسها شعلة وقال خذ هذه وتبلغ بها إلى أبواب ناس لعلهم يعطونك.

  قوله # ثم أداء الأمانة هي العقد الذي يلزم الوفاء به وأصح ما قيل في تفسير الآية أن الأمانة ثقيلة المحمل لأن حاملها معرض لخطر عظيم فهي بالغة من الثقل وصعوبة المحمل ما لو أنها عرضت على السماوات والأرض والجبال لامتنعت من حملها.

  فأما الإنسان فإنه حملها وألزم القيام بها وليس المراد بقولنا إنها عرضت على السماوات والأرض أي لو عرضت عليها وهي جمادات بل المراد تعظيم شأن الأمانة كما تقول هذا الكلام لا يحمله الجبال وقوله

  امتلأ الحوض وقال قطني

  وقوله تعالى {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ١١}⁣[فصلت: ١١] ومذهب العرب في هذا الباب وتوسعها ومجازاتها مشهور شائع