شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في مدح الصبر وانتظار الفرج

صفحة 319 - الجزء 1

  ومن كلامهم ما خلا جسد عن حسد.

  وحد الحسد، هو أن تغتاظ مما رزقه غيرك وتود أنه زال عنه، وصار إليك، والغبطة ألا تغتاظ ولا تود زواله عنه، وإنما تود أن ترزق مثله، وليست الغبطة بمذمومة.

  وقال الشاعر:

  حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ... فالكل أعداء له وخصوم

  كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسدا وبغيا إنه لدميم

فصل في مدح الصبر وانتظار الفرج

  واعلم أنه # بعد أن نهى عن الحسد أمر بالصبر وانتظار الفرج من الله إما بموت مريح أو بظفر بالمطلوب.

  والصبر من المقامات الشريفة وقد وردت فيه آثار كثيرة.

  روى عبد الله بن مسعود عن النبي ÷: (أن الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله) وقالت عائشة لو كان الصبر رجلا لكان كريما.

  وقال علي #: (الصبر إما صبر على المصيبة أو على الطاعة أو عن المعصية وهذا القسم الثالث أعلى درجة من القسمين الأولين) وعنه #: (الحياء زينة والتقوى كرم وخير المراكب مركب الصبر) وعنه #: (القناعة سيف لا ينبو والصبر مطية لا تكبو وأفضل العدة الصبر على الشدة)، قال الحسن #: (جربنا وجرب المجربون، فلم نر شيئا أنفع وجدانا ولا أضر فقدانا من الصبر تداوى به الأمور ولا يداوى هو بغيره).