سياسة علي وجريها على سياسة الرسول #
  يتغلب على ظنه أنه يستوجب ذلك ويصفح عن آخرين قد اجترموا ما يستحقون به التأديب كل ذلك بقوة اجتهاده وما يؤديه إليه نظره ولم يكن أمير المؤمنين # يرى ذلك وكان يقف مع النصوص والظواهر ولا يتعداها إلى الاجتهاد والأقيسة ويطبق أمور الدنيا على أمور الدين ويسوق الكل مساقا واحدا ولا يضيع ولا يرفع إلا بالكتاب والنص فاختلفت طريقتاهما في الخلافة والسياسة وكان عمر مع ذلك شديد الغلظة والسياسة وكان علي # كثير الحلم والصفح والتجاوز فازدادت خلافة ذاك قوة وخلافة هذا لينا ولم يمن عمر بما مني به علي # من فتنة عثمان التي أحوجته إلى مداراة أصحابه وجنده ومقاربتهم للاضطراب الواقع بطريق تلك الفتنة ثم تلا ذلك فتنة الجمل وفتنة صفين ثم فتنة النهروان وكل هذه الأمور مؤثرة في اضطراب أمر الوالي وانحلال معاقد ملكه ولم يتفق لعمر شيء من ذلك فشتان بين الخلافتين فيما يعود إلى انتظام المملكة وصحة تدبير الخلافة.
  فإن قلت فما قولك في سياسة رسول الله ÷ وتدبيره أليس كان منتظما سديدا مع أنه كان لا يعمل إلا بالنصوص والتوقيف من الوحي فهلا كان تدبير علي # وسياسته كذلك إذا قلتم إنه كان لا يعمل إلا بالنص قلت أما سياسة رسول الله ÷ وتدبيره فخارج عما نحن فيه لأنه معصوم لا تتطرق الغفلة إلى أفعاله ولا واحد من هذين الرجلين بواجب العصمة عندنا وأيضا فإن كثيرا من الناس ذهبوا إلى أن الله تعالى أذن لرسول الله ÷ أن يحكم في الشرعيات وغيرها برأيه وقال له احكم بما تراه فإنك لا تحكم إلا بالحق وهذا مذهب يونس بن عمران وعلى هذا فقد سقط السؤال لأنه ÷ يعمل بما يراه من المصلحة ولا ينتظر الوحي.
  وأيضا فبتقدير فساد هذا المذهب أليس قد ذهب خلق كثير من علماء أصول الفقه إلى أن رسول الله ÷ كان يجوز له أن يجتهد في الأحكام والتدبير كما يجتهد