سياسة علي ومعاوية وإيراد كلام للجاحظ في ذلك
  بالدهاء والنكراء لا نقول ما كان أنكر أبا بكر بن أبي قحافة وما كان أنكر عمر بن الخطاب ولا يقول أحد عنده شيء من الخير كان رسول الله ÷ أدهى العرب والعجم وأنكر قريش وأمكر كنانة لأن هذه الكلمة إنما وضعت في مديح أصحاب الأرب ومن يتعمق في الرأي في توكيد الدنيا وزبرجها وتشديد أركانها فأما أصحاب الآخرة الذين يرون الناس لا يصلحون على تدبير البشر وإنما يصلحون على تدبير خالق البشر فإن هؤلاء لا يمدحون بالدهاء والنكراء ولم يمنعوا هذا إلا ليعطوا أفضل منه ألا ترى أن المغيرة بن شعبة وكان أحد الدهاة حين رد على عمرو بن العاص قوله في عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص أحد الدهاة أيضا أأنت كنت تفعل أو توهم عمر شيئا فيلقنه عنك ما رأيت عمر مستخليا بأحد إلا رحمته كائنا من كان ذلك الرجل كان عمر والله أعقل من أن يخدع وأفضل من أن يخدع ولم يذكره بالدهاء والنكراء هذا مع عجبه بإضافة الناس ذلك إليه ولكنه قد علم أنه إذا أطلق على الأئمة الألفاظ التي لا تصلح في أهل الطهارة كان ذلك غير مقبول منه فهذا هذا.
  وكذلك كان حكم قول معاوية للجميع أخرجوا إلينا قتلة عثمان ونحن لكم سلم فاجهد كل جهدك واستعن بمن شايعك إلى أن تتخلص إلى صواب رأي في ذلك الوقت أضله علي حتى تعلم أن معاوية خادع وأن عليا # كان المخدوع.
  فإن قلت فقد بلغ ما أراد ونال ما أحب فهل رأيت كتابنا وضع إلا على أن عليا كان قد امتحن في أصحابه وفي دهره بما لم يمتحن إمام قبله من الاختلاف والمنازعة والتشاح من الرئاسة والتسرع والعجلة وهل أتي # إلا من هذا المكان أولسنا قد فرغنا من هذا الأمر وقد علمنا أن ثلاثة نفر تواطئوا على قتل ثلاثة نفر فانفرد ابن ملجم