شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

سياسة علي ومعاوية وإيراد كلام للجاحظ في ذلك

صفحة 231 - الجزء 10

  بالتماس ذلك من علي # وانفرد البرك الصريمي بالتماس ذلك من عمرو بن العاص وانفرد الآخر وهو عمرو بن بكر التميمي بالتماس ذلك من معاوية فكان من الاتفاق أو من الامتحان أن كان علي من بينهم هو المقتول.

  وفي قياس مذهبكم أن تزعموا أن سلامة عمرو ومعاوية إنما كانت بحزم منهما وأن قتل علي # إنما هو من تضييع منه فإذ قد تبين لكم أنه من الابتلاء والامتحان في نفسه بخلاف الذي قد شاهدتموه في عدوه فكل شيء سوى ذلك فإنما هو تبع للنفس.

  هذا آخر كلام أبي عثمان في هذا الموضع ومن تأمله بعين الإنصاف ولم يتبع الهوى علم صحة جميع ما ذكره وأن أمير المؤمنين دفع من اختلاف أصحابه وسوء طاعتهم له ولزومه سنن الشريعة ومنهج العدل وخروج معاوية وعمرو بن العاص عن قاعدة الشرع في استمالة الناس إليهم بالرغبة والرهبة إلى ما لم يدفع إليه غيره فلو لا أنه # كان عارفا بوجوه السياسة وتدبير أمر السلطان والخلافة حاذقا في ذلك لم يجتمع عليه إلا القليل من الناس وهم أهل الآخرة خاصة الذين لا ميل لهم إلى الدنيا فلما وجدناه دبر الأمر حين وليه واجتمع عليه من العساكر والأتباع ما يتجاوز العد والحصر وقاتل بهم أعداءه الذين حالهم حالهم فظفر في أكثر حروبه ووقف الأمر بينه وبين معاوية على سواء وكان هو الأظهر والأقرب إلى الانتصار علمنا أنه من معرفة تدبير الدول والسلطان بمكان مكين