شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في مدح الصبر وانتظار الفرج

صفحة 321 - الجزء 1

  يا ابن الأشج قريع كندة ... لا أبالي فيك عتبا

  أنت الرئيس ابن الرئيس ... وأنت أعلى الناس كعبا

  نبئت حجاج بن يوسف ... خر من زلق فتبا

  فانهض هديت لعله ... يجلو بك الرحمن كربا

  وابعث عطية في الحروب ... يكبهن عليه كبا

  ثم قال عبد الرحمن خر من زلق فتب، وخسر وانكب وما لقي ما أحب ورفع بها صوته واهتز منكباه ودر ودجاه واحمرت عيناه، ولم يبق في المجلس إلا من هابه فقال أيها الأمير، وأنا القائل:

  أبى الله إلا أن يتمم نوره ... ويطفئ نار الكافرين فتخمدا

  وينزل ذلا بالعراق وأهله ... كما نقضوا العهد الوثيق المؤكدا

  وما لبث الحجاج أن سل سيفه ... علينا فولى جمعنا وتبددا

  فالتفت الحجاج إلى من حضر، فقال: ما تقولون؟ قالوا: لقد أحسن أيها الأمير ومحا بآخر قوله أوله فليسعه حلمك.

  فقال: لاها الله إنه لم يرد ما ظننتم، وإنما أراد تحريض أصحابه، ثم قال له ويلك ألست القائل:

  إن نلت لم أفرح بشيء نلته ... وإذا سبقت به فلا أتلهف

  ومتى تصبك من الحوادث نكبة ... فاصبر فكل غيابة تتكشف

  أما والله لتظلمن عليك غيابة لا تنكشف أبدا ألست القائل في عبد الرحمن:]

  وإذا سألت المجد أين محله ... فالمجد بين محمد وسعيد