فصل في الرياء والنهي عنه
  فإن تسأليني كيف أنت فإنني ... صبور على ريب الزمان صليب
  يعز علي أن ترى بي كآبة ... فيشمت عاد أو يساء حبيب
فصل في الرياء والنهي عنه
  واعلم أنه # بعد أن أمرنا بالصبر نهى عن الرياء في العمل، والرياء في العمل منهي عنه، بل العمل ذو الرياء ليس بعمل على الحقيقة؛ لأنه لم يقصد به وجه الله تعالى وأصحابنا المتكلمون يقولون ينبغي أن يعمل المكلف الواجب؛ لأنه واجب ويجتنب القبيح؛ لأنه قبيح ولا يفعل الطاعة ويترك المعصية رغبة في الثواب وخوفا من العقاب، فإن ذلك يخرج عمله من أن يكون طريقا إلى الثواب، وشبهوه بالاعتذار في الشي ء، فإن من يعتذر إليك من ذنب خوفا أن تعاقبه على ذلك الذنب لا ندما على القبيح الذي سبق منه، لا يكون عذره مقبولا ولا ذنبه عندك مغفورا، وهذا مقام جليل لا يصل إليه إلا الأفراد من ألوف الألوف.
  وقد جاء في الآثار من النهي عن الرياء والسمعة كثير روي عن النبي ÷ أنه قال يؤتى في يوم القيامة بالرجل قد عمل أعمال الخير كالجبال أو قال كجبال تهامة، وله خطيئة واحدة، فيقال إنما عملتها ليقال عنك فقد قيل وذاك ثوابك، وهذه خطيئتك أدخلوه بها إلى جهنم، وقال #: ليست الصلاة قيامك وقعودك إنما الصلاة إخلاصك، وأن تريد بها الله وحده، وقال حبيب الفارسي لو أن الله تعالى أقامني يوم القيامة وقال هل تعد سجدة سجدت ليس للشيطان فيها نصيب لم أقدر على ذلك.