شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في الاعتضاد بالعشيرة والتكثر بالقبيلة

صفحة 326 - الجزء 1

  توصل عبد الله بن الزبير إلى امرأة عبد الله بن عمر، وهي أخت المختار بن أبي عبيد الثقفي في أن تكلم بعلها عبد الله بن عمر أن يبايعه فكلمته في ذلك، وذكرت صلاته، وقيامه، وصيامه، فقال لها: أما رأيت البغلات الشهب التي كنا نراها تحت معاوية بالحجر إذا قدم مكة.

  قالت: بلى.

  قال: فإياها يطلب ابن الزبير بصومه وصلاته.

  وفي الخبر المرفوع أن أخوف ما أخاف على أمتي الرياء في العمل ألا وإن الرياء في العمل هو الشرك الخفي، صلى وصام لأمر كان يطلبه حتى حواه فلا صلى ولا صاما.

فصل في الاعتضاد بالعشيرة والتكثر بالقبيلة

  ثم إنه # بعد نهيه عن الرياء، وطلب السمعة أمر بالاعتضاد بالعشيرة والتكثر بالقبيلة فإن الإنسان لا يستغني عنهم وإن كان ذا مال، وقد قالت الشعراء في هذا المعنى كثيرا، فمن ذلك قول بعض شعراء الحماسة:

  إذا المرء لم يغضب له حين يغضب ... فوارس إن قيل اركبوا الموت يركبوا

  ولم يحبه بالنصر قوم أعزة ... مقاحيم في الأمر الذي يتهيب

  تهضمه أدنى العداة فلم يزل ... وإن كان عضا بالظلامة يضرب

  فآخ لحال السلم من شئت واعلمن ... بأن سوى مولاك في الحرب أجنب

  ومولاك مولاك الذي إن دعوته ... أجابك طوعا والدماء تصبب

  فلا تخذل المولى وإن كان ظالما ... فإن به تثأى الأمور وترأب