199 - ومن كلام له # وقد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين
  لعن أحد ممن عليه اسم الإسلام وينكرون على من يلعن ومنهم من يغالي في ذلك فيقول لا ألعن الكافر وألعن إبليس وإن الله تعالى لا يقول لأحد يوم القيامة لم لم تلعن وإنما يقول لم لعنت.
  واعلم أن هذا خلاف نص الكتاب لأنه تعالى قال {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ٦٤}[الأحزاب: ٦٤].
  و قال {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ١٥٩}[البقرة: ١٥٩].
  و قال في إبليس {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ٧٨}[ص: ٧٨].
  و قال {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا}[الأحزاب: ٦١].
  و في الكتاب العزيز من ذلك الكثير الواسع.
  وكيف يجوز للمسلم أن ينكر التبرؤ ممن يجب التبرؤ منه ألم يسمع هؤلاء قول الله تعالى {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا}[الممتحنة: ٤] وإنما يجب النظر فيمن قد اشتبهت حاله فإن كان قد قارف كبيرة من الذنوب يستحق بها اللعن والبراءة فلا ضير على من يلعنه ويبرأ منه وإن لم يكن قد قارف كبيرة لم يجز لعنه ولا البراءة منه.
  ومما يدل على أن من عليه اسم الإسلام إذا ارتكب الكبيرة يجوز لعنه بل يجب في وقت قول الله تعالى في قصة اللعان {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ