شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ألا أي هذا الزاجري أحضر الوغى

صفحة 27 - الجزء 11

  فإن قلت فما تصنع بقوله تعالى ما كانَ {مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}⁣[الأحزاب: ٤٠] قلت أسألك عن أبوته لإبراهيم بن مارية فكما تجيب به عن ذلك فهو جوابي عن الحسن والحسين #.

  والجواب الشامل للجميع أنه عنى زيد بن حارثة لأن العرب كانت تقول زيد بن محمد على عادتهم في تبني العبيد فأبطل الله تعالى ذلك ونهى عن سنة الجاهلية وقال إن محمدا # ليس أبا لواحد من الرجال البالغين المعروفين بينكم ليعتزي إليه بالنبوة وذلك لا ينفي كونه أبا لأطفال لم تطلق عليهم لفظة الرجال كإبراهيم وحسن وحسين #.

  فإن قلت أتقول إن ابن البنت ابن على الحقيقة الأصلية أم على سبيل المجاز.

  قلت لذاهب أن يذهب إلى أنه حقيقة أصلية لأن أصل الإطلاق الحقيقة وقد يكون اللفظ مشتركا بين مفهومين وهو في أحدهما أشهر ولا يلزم من كونه أشهر في أحدهما ألا يكون حقيقة في الآخر.

  ولذاهب أن يذهب إلى أنه حقيقة عرفية وهي التي كثر استعمالها وهي في الأكثر مجاز حتى صارت حقيقة في العرف كالراوية للمزادة والسماء للمطر.

  ولذاهب أن يذهب إلى كونه مجازا قد استعمله الشارع فجاز إطلاقه في كل حال واستعماله كسائر المجازات المستعملة.

  ومما يدل على اختصاص ولد فاطمة دون بني هاشم كافة بالنبي # أنه ما كان يحل له # أن ينكح بنات الحسن والحسين # ولا بنات ذريتهما وإن بعدن وطال الزمان ويحل له نكاح بنات غيرهم من بني هاشم من الطالبيين وغيرهم وهذا يدل على مزيد الأقربية وهي كونهم أولاده لأنه ليس هناك من القربى غير