شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر بعض مقامات العارفين والزهاد

صفحة 36 - الجزء 11

  يا أمير المؤمنين ألا أشكو إليك عاصم بن زياد أخي قال ما له قال لبس العباء وترك الملاء وغم أهله وحزن ولده فقال علي ادعوا لي عاصما فلما أتاه عبس في وجهه وقال ويحك يا عاصم أترى الله أباح لك اللذات وهو يكره ما أخذت منها لأنت أهون على الله من ذلك أوما سمعته يقول مَرَجَ اَلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ ثم يقول يَخْرُجُ مِنْهُمَا اَللُّؤْلُؤُ وَاَلْمَرْجانُ وقال وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها أما والله إن ابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال وقد سمعتم الله يقول وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ وقوله مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اَللَّهِ اَلَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَاَلطَّيِّباتِ مِنَ اَلرِّزْقِ إن الله خاطب المؤمنين بما خاطب به المرسلين فقال يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وقال يا أَيُّهَا اَلرُّسُلُ كُلُوا مِنَ اَلطَّيِّباتِ وَاِعْمَلُوا صالِحاً وقال رسول الله ÷ لبعض نسائه ما لي أراك شعثاء مرهاء سلتاء.

  قال عاصم فلم اقتصرت يا أمير المؤمنين على لبس الخشن وأكل الجشب قال إن الله تعالى افترض على أئمة العدل أن يقدروا لأنفسهم بالقوام كيلا يتبيغ بالفقير فقره فما قام علي # حتى نزع عاصم العباء ولبس ملاءة.

  والربيع بن زياد هو الذي افتتح بعض خراسان وفيه قال عمر دلوني على رجل إذا كان