شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر بعض ما مني به آل البيت من الأذى والاضطهاد

صفحة 46 - الجزء 11

  والمنازل حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها.

  فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي # فازداد البلاء والفتنة فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه أو طريد في الأرض.

  ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين # وولي عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة وولى عليهم الحجاج بن يوسف فتقرب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه وموالاة من يدعي من الناس أنهم أيضا أعداؤه فأكثروا في الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم وأكثروا من الغض من علي # وعيبه والطعن فيه والشنئان له حتى أن إنسانا وقف للحجاج ويقال إنه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب فصاح به أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني عليا وإني فقير بائس وأنا إلى صلة الأمير محتاج فتضاحك له الحجاج وقال للطف ما توسلت به قد وليتك موضع كذا.

  وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم في تاريخه ما يناسب هذا الخبر وقال إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم.

  قلت ولا يلزم من هذا أن يكون علي # يسوءه أن يذكر الصحابة والمتقدمون عليه بالخير والفضل إلا أن معاوية وبني أمية كانوا يبنون الأمر من هذا على ما يظنونه في علي # من أنه عدو من تقدم عليه ولم يكن الأمر في الحقيقة كما