شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

25 - ومن خطبة له # وقد تواترت عليه الأخبار باستيلاء أصحاب معاوية على البلاد

صفحة 333 - الجزء 1

  وَ أَبْدِلْهُمْ بِي شَرّاً مِنِّي اَللَّهُمَّ مِثْ قُلُوبَهُمْ كَمَا يُمَاثُ اَلْمِلْحُ فِي اَلْمَاءِ أَمَا وَاَللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي بِكُمْ أَلْفَ فَارِسٍ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ:

  هُنَالِكَ لَوْ دَعَوْتَ أَتَاكَ مِنْهُمْ ... فَوَارِسُ مِثْلُ أَرْمِيَةِ اَلْحَمِيمِ

  ثُمَّ نَزَلَ # مِنَ اَلْمِنْبَرِ قال الرضي |: أقول الأرمية جمع رمي، وهو السحاب والحميم هاهنا وقت الصيف وإنما خص الشاعر سحاب الصيف بالذكر؛ لأنه أشد جفولا وأسرع خفوقا؛ لأنه لا ماء فيه وإنما يكون السحاب ثقيل السير لامتلائه بالماء وذلك لا يكون في الأكثر إلا زمان الشتاء، وإنما أراد الشاعر وصفهم بالسرعة إذا دعوا والإغاثة إذا استغيثوا والدليل على ذلك، قوله هنالك لو دعوت أتاك منهم تواترات عليه الأخبار، مثل ترادفت وتواصلت الناس من يطعن في هذا ويقول التواتر لا يكون إلا مع فترات بين أوقات الإتيان، ومنه قوله سبحانه: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى}⁣[المؤمنون: ٤٤] ليس المراد أنهم مترادفون بل بين كل نبيين فترة قالوا وأصل تترى من الواو واشتقاقها من الوتر، وهو الفرد وعدوا هذا الموضع مما تغلط فيه الخاصة.