شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر بعض أحوال العارفين والأولياء

صفحة 80 - الجزء 11

  لي سكرتان وللندمان واحدة

  شيء خصصت به من بينهم وحدي

  وكان يحيى بن معاذ يقول مثقال خردلة من الحب أحب إلي من عبادة سبعين سنة بلا حب.

  وقال بعضهم من أراد أن يكون محبا فليكن كما حكي عن بعض الهند أنه أحب جارية فرحلت عن ذلك البلد فخرج الفتى في وداعها فدمعت إحدى عينيه دون الأخرى فغمض التي لم تدمع أربعا وثمانين سنة ولم يفتحها عقوبة لأنها لم تبك على فراق حبيبته.

  وأنشدوا في هذا المعنى

  بكت عيني غداة البين دمعا

  وأخرى بالبكاء بخلت علينا

  فعاقبت التي بخلت علينا

  بأن غمضتها يوم التقيا

  وقيل إن الله تعالى أوحى إلى داود # إني حرمت على القلوب أن يدخلها حبي وحب غيري.

  وقيل المحبة إيثار المحبوب على النفس كامرأة العزيز لما أفرط بها الحب قالت أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ اَلصَّادِقِينَ وفي الابتداء قالت ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ فوركت الذنب في الابتداء عليه ونادت في الانتهاء على نفسها بالخيانة وقال أبو سعيد الخراز رأيت النبي ÷ في المنام فقلت يا رسول الله اعذرني فإن محبة الله شغلتني عن حبك فقال يا مبارك من أحب الله فقد أحبني.