شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

208 - ومن دعاء كان يدعو به # كثيرا

صفحة 87 - الجزء 11

  وكذلك قوله أو أضطهد والأمر لك أي وأنت الحاكم صاحب الأمر والطاء في أضطهد هي تاء الافتعال وأصل الفعل ضهدت فلانا فهو مضهود أي قهرته وفلان ضهده لكل أحد أي كل من شاء أن يقهره فعل.

  قوله اللهم اجعل نفسي هذه الدعوة مثل دعوة رسول الله ÷ وهي قوله اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا واجعله الوارث منا أي لا تجعل موتنا متأخرا عن ذهاب حواسنا وكان علي بن الحسين يقول في دعائه اللهم احفظ علي سمعي وبصري إلى انتهاء أجلي.

  وفسروا قوله # واجعله الوارث منا فقالوا الضمير في واجعله يرجع إلى الإمتاع.

  فإن قلت كيف يتقى الإمتاع بالسمع والبصر بعد خروج الروح.

  قلت هذا توسع في الكلام والمراد لا تبلنا بالعمى ولا الصمم فنكون أحياء في الصورة ولسنا بأحياء في المعنى لأن من فقدهما لا خير له في الحياة فحملته المبالغة على أن طلب بقاءهما بعد ذهاب النفس إيذانا وإشعارا بحبه ألا يبلى بفقدهما.

  ونفتتن على ما لم يسم فاعله نصاب بفتنة تضلنا عن الدين وروي نفتتن بفتح حرف المضارعة على نفتعل افتتن الرجل أي فتن ولا يجوز أن يكون الافتتان متعديا كما ذكره الراوندي ولكنه قرأ في الصحاح للجوهري والفتون الافتتان يتعدى ولا يتعدى فظن أن ذلك للافتتان وليس كما ظن وإنما ذلك راجع إلى الفتون.

  والتتابع التهافت في اللجاج والشر ولا يكون إلا في مثل ذلك وروي أو تتابع بطرح إحدى التاءات