شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

211 - ومن كلام له #

صفحة 117 - الجزء 11

  سنين وقد كانت له خصائص ومناقب كثيرة وقال فيه النبي ÷ قولا شريفا اتفق عليه المحدثون قال له لما افتخر هو وعلي وزيد بن حارثة وتحاكموا إلى رسول الله ÷ أشبهت خلقي وخلقي فخجل فرحا ثم قال لزيد أنت مولانا وصاحبنا فخجل أيضا ثم قال لعلي أنت أخي وخالصتي قالوا فلم يخجل قالوا كان ترادف التعظيم له وتكرره عليه لم يجعل عنده للقول ذلك الموضع وكان غيره إذا عظم عظم نادرا فيحسن موقعه عنده واختلف الناس في أي المدحتين أعظم.

  فقلت له قد وقفت لأبي حيان التوحيدي في كتاب البصائر على فصل عجيب يمازج ما نحن فيه قال في الجزء الخامس من هذا الكتاب سمعت قاضي القضاة أبا سعد بشر بن الحسين وما رأيت رجلا أقوى منه في الجدل في مناظرة جرت بينه وبين أبي عبد الله الطبري وقد جرى حديث جعفر بن أبي طالب وحديث إسلامه والتفاضل بينه وبين أخيه علي فقال القاضي أبو سعد إذا أنعم النظر علم أن إسلام جعفر كان بعد بلوغ وإسلام البالغ لا يكون إلا بعد استبصار وتبين ومعرفة بقبح ما يخرج منه وحسن ما يدخل فيه وأن إسلام علي مختلف في حاله وذلك أنه قد ظن أنه كان عن تلقين لا تبيين إلى حين بلوغه وأوان تعقبه ونظره وقد علم أيضا أنهما قتلا وأن قتلة جعفر شهادة بالإجمال وقتلة علي فيها أشد الاختلاف ثم خص الله جعفرا بأن قبضه إلى الجنة قبل ظهور التباين واضطراب الحبل وكثرة الهرج وعلى أنه لو انعقد الإجماع وتظاهر جميع الناس على أن القتلتين شهادة لكانت الحال في الذي رفع إليها جعفر أغلظ وأعظم وذلك أنه قتل مقبلا غير مدبر وأما علي فإنه اغتيل اغتيالا وقصد من حيث لا يعلم وشتان ما بين من فوجئ بالموت وبين من عاين مخايل الموت